الهوايات في امتحانات تحديد المستوى: بين التقليد والابتكار
خلال سنوات عملي في تدريس العربية للناطقين بغيرها، شاركت في كثير من امتحانات تحديد المستوى للطلاب الجدد. ومن بين الأسئلة التي تتكرر دائمًا سؤال: "ما هي هواياتك؟" أو "هل عندك هوايات؟ ما هي؟"
قد يبدو هذا السؤال بسيطًا، لكنه في الحقيقة يكشف عن إشكالية تربوية ونفسية تجعل منه أحيانًا عبئًا بدل أن يكون أداة فعّالة لقياس مستوى اللغة
لماذا هذا السؤال يربك الطلاب؟
كثير من الطلاب يجيبون بطريقة محفوظة: "أحب القراءة، السباحة، السفر" — حتى لو لم تكن هذه هواياتهم الحقيقية. بعضهم يختار هوايات “ذكية” ليترك انطباعًا إيجابيًا، وآخرون يشعرون بالحرج لأنهم لا يملكون هواية واضحة
وهكذا يتحول السؤال من فرصة لقياس المفردات والتراكيب إلى موقف فيه ضغط اجتماعي: هل أملك هواية مقبولة أم لا؟
الأمر في لغات أخرى هذا ليس خاصًا بالعربية. في الإنجليزية يُسأل الطلاب دائماً
"What are your hobbies?"،
وفي الفرنسية:
"Quelles sont tes passions?"،
وفي الألمانية:
"Was sind deine Hobbys?".
لكن النتيجة متشابهة: إجابات متكررة ومحفوظة. تقرير للمجلس الثقافي البريطاني (2019) أظهر أن أكثر من 70% من الطلاب أجابوا بنفس قائمة الهوايات (القراءة، الرياضة، الموسيقى)، حتى عندما لم تكن واقعية
من خلال تجربتي، أجد أن سؤالًا مثل: "ماذا تحب أن تفعل في وقت فراغك؟" أكثر نجاحًا. فهو يفتح المجال لإجابات طبيعية مثل: أشاهد التلفاز، أخرج مع أصدقائي، أطبخ — وهي إجابات أقرب للحياة اليومية وتكشف المستوى الحقيقي للطالب
أمثلة لأسئلة بديلة
· "ماذا فعلت في عطلة الأسبوع الماضية؟"
· "هل تفضّل البقاء في البيت أم الخروج مع الأصدقاء؟ ولماذا؟"
· "ما آخر فيلم أو برنامج شاهدته؟"
كيف نطور السؤال بدل أن نحذفه؟
ليس المطلوب أن نتخلى عن سؤال الهوايات نهائيًا، بل أن نقدمه بطريقة أذكى
· عرض صور أو بطاقات لأنشطة مختلفة، وطلب من الطالب أن يختار ويعلّق
· تدريب الطالب على قول: "ليس عندي هواية محددة، لكن أحب أن …"، وهو تمرين ممتاز على التعبير المرن
الخلاصة
سؤال "ما هي هواياتك؟" تقليد عالمي في اختبارات تحديد المستوى، لكنه لم يعد الأكثر فاعلية. ما نحتاجه هو أسئلة طبيعية وبسيطة تكشف اللغة الحقيقية للطالب دون أن تضعه تحت ضغط
وعندما نعلم أن أكثر من 70% من الطلاب يعطون نفس الإجابة، فهذا يعني أن الوقت قد حان لتجديد أسئلتنا — في العربية، وفي كل لغات العالم