من طاجكستان إلى عالمنا العربي: هل نستعد لسباق التعليم؟
في حديثي منذ قليل مع طالبة سابقة من طاجكستان – أصبحت اليوم أستاذة – أخبرتني أن بلادها تتبع المناهج الروسية المعروفة بصرامتها
من الصف الأول، يتعلم الطالب الأخلاق كمنهج أساسي، تمامًا كما يتعلم اللغة والرياضيات
وفي الصفوف الابتدائية، يبدأ بحفظ الجداول والقصائد والمعلومات العلمية عن ظهر قلب، لا اعتمادًا على الصور أو التطبيقات فقط
في التاريخ، يدرس تاريخ العالم بتسلسل زمني دقيق منذ الصف الثالث، ومع كل سنة يزيد العمق والتحليل
أما الأحياء، فتُقسَّم على ثلاث مراحل: نبات – حيوان – إنسان، خلال ثلاث سنوات كاملة(يدرسون أدق التفاصيل )
كل ذلك بحفظ دقيق، ومهارات عقلية صارمة، وتقويم مستمر
سألتها: هل يشتكي الناس من صعوبة التعليم؟
قالت: لا. لأنهم يرون في هذا التعب استثمارًا في العقل. الدولة تؤمن أن بناء الأمم يبدأ من الجدية في التعليم، لا من التساهل
في المقابل، (خاصة عندنا في مصر) نسمع اليوم في عالمنا العربي تذمّرًا واسعًا من الأسر حول صعوبة المناهج وكثرة الواجبات
لكن هل يحق لنا التذمر، بينما نرى دولًا تربّي أبناءها على الجهد والمثابرة منذ الصف الأول؟ ( رغم أني درست معظم حياتي بالنمط الامريكي )
خاصة ونحن نعيش في عصر تُشير فيه دراسات مثل Nature Communications (2021) إلى أن الذكاء العقلي والتركيز انخفضا بنسبة 30٪ بسبب الإفراط في التكنولوجيا وسهولة المعلومة
نحن بحاجة، كعرب، إلى تعليم يُنافس لا يُجامِل، يصنع عقولًا لا تعتمد على "الشرح المبسّط" فقط، بل تتعلّم كيف تُفكر، وتُحلل، وتحفظ، وتبني نفسها بالجهد والتراكم
ففي النهاية... الأمم تُبنى في الفصول قبل أن تُبنى في المصانع