عندما قرأت "هيا نشتري شاعرًا"... ظننت أني أعرف البطل، لكنني كنت أكتشف نفسي
قرأتُ رواية "هيا نشتري شاعرًا" للكاتب البرتغالي أفونسو كروش، وهي رواية قصيرة وساخرة، لكن فيها من العمق ما يكفي ليجعلك تفكر في نفسك قبل أن تفكر في شخصياتها. الرواية مكتوبة بضمير المتكلم، دون أن يذكر الكاتب منذ البداية إن كان الراوي ولدًا أم بنتًا. ومع أنني قرأت بعين يقظة، إلا أنني كنت متأكدة أنه "ولد". لم يكن هناك ما يؤكد ذلك، لكن طريقة السرد، التفكير الرقمي، والحديث عن الوظائف والمال والروتين... كل هذا جعلني أرى "ولدًا" في ذهني
حتى حين قال السارد إن الشاعر يسكن معه في الغرفة، لم أستوقف المشهد، بدا لي عاديًا. لكن المفاجأة جاءت في النهاية: الراوي فتاة. عندها فقط أدركت أنني كنت أقرأ بعين مشكّلة من خلفيتي، من تنقلي بين السعودية ومصر في طفولتي وشبابي، حيث تربّيت على الفصل بين الجنسين، وعلى صورة معينة للبنت، كيف تفكر وتتكلم وتتصرف. رغم أنني درست لاحقًا في جامعات أمريكية، وسافرت إلى أكثر من ثلاثين دولة، إلا أن رواسب النشأة لا تزول بسهولة، بل تتسلل إلى طريقة قراءتنا، دون أن نشعر
في المقابل، الأدب البرتغالي كما قدّمه أفونسو كروش، يصوغ اللغة ببساطة ودهاء، يسمح لك أن تملأ الفراغات بنفسك، ثم يدهشك عندما يفتح لك بابًا كنت تظن أنه جدار. اكتشاف أن البطلة فتاة لم يغيّر الرواية، بل غيّرني أنا. جعلني أعيد النظر في طريقتي في رؤية الناس، وفي فهمي للأنوثة والخيال والمشاعر
وسؤالي لك كقارئ/ة
هل حدث يومًا أن قرأت رواية وجعلتك ترى نفسك بطريقة جديدة تمامًا؟